محمد
الزكراوي
إطار متصرف وزارة الداخلية، وأستاذ باحث في العلوم القانونية و الإدارية
إن تعدد المهام الموكولة للمحافظين على
الأملاك العقارية ،وتنوع المقتضيات القانونية المنظمة لعملهم،فرض إحداث مؤسسة قانونية
تتولى توحيد العمل الإداري فيما بينهم، وتتيح لهم إمكانية الرجوع إليها من أجل الاستشارة
بخصوص القضايا الهامة التي تثير إشكالات قانونية في معالجتها، وكذا مراقبة مدى التزام
المحافظين بالقانون ،فقد حدد ظهير 29/12/ 1953 المهمة
الأساسية للمحافظ العام في ضمان توحيد العمل الإداري المتعلق بتطبيق نظام التحفيظ العقاري،
وذلك من خلال الآليات الرقابية الممنوحة للمحافظ العام ،والتي تتجلى في مراقبة ممارسة
مهام المحافظين على الأملاك العقارية الموكولة لهم بمقتضى الفصل الرابع من القرار الوزيري
المؤرخ في 04/06/1915 المتعلق بتنظيم مصلحة المحافظة
العقارية ؛ مع إعطاء التوجيهات والتعليمات العامة والخاصة للمحافظين على الأملاك العقارية،
وذلك لضمان توحيد العمل الإداري في مجال تطبيق نظام التحفيظ العقاري؛كما يمكن للمحافظ
العام، من أجل اتخاذ القرارات، إثارة كافة القضايا المتعلقة بتحفيظ العقارات أو العمليات
اللاحقة لها، وذلك إما تلقائيا أو بناء على طلب المعنيين بالأمـــــر،إضافة إلى الاختصاصات
المحددة بظهير 29/12/ 1953 المشار إليها أعلاه، يتولى
المحافظ العام القيام بمجموعة من المهام الأخرى المتمثلة في ،إعداد الأجوبة على الأسئلة
البرلمانية ذات الصلة بنظام التحفيظ العقاري؛وإعداد مشاريع النصوص القانونية والتنظيمية
المتعلقة بمجال التحفيظ العقاري وتتبعها على مستوى الأمانة العامة للحكومة واللجان
البرلمانية المعنية؛مع إمكانية إبداء الرأي في مشاريع ومقترحات النصوص القانونية المحالة
على الوكالة من قبل القطاعات الحكومية المختصة؛وتدبير المنازعات القضائية المتعلقة
بتطبيق نظام التحفيظ العقاري، سواء تلك المرفوعة في مواجهة المدير العام للوكالة أو
المحافظ العام أو المحافظين على الأملاك العقارية ؛وكذلك ،البت في طلبات استرداد واجبات المحافظة العقارية
المستخلصة نتيجة خطأ أو إغفال وانجاز دراسات قانونية في المجالات المرتبطة بنظام التحفيظ
العقاري؛ مع المساهمة في عملية التأطير والتكوين المستمر لأطر ومستخدمي الوكالة بتنسيق
مع مديريتي المحافظة العقارية والموارد البشرية؛
إطار متصرف وزارة الداخلية، وأستاذ باحث في العلوم القانونية و الإدارية
مقدمة
تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الهادفة
إلى وضع حد لظاهرة الاستيلاء على ملكية العقارات وحماية جميع التصرفات الواقعة على
العقارات، تمت المصادقة على القانون رقم 16/69 الذي يقضي بتتميم المادة الرابعة من مدونة
الحقوق العينية ،رغبة من المشرع إلى التصدي لجميع أنواع جرائم العقارات بما فيها
ظاهرة الترامي على ملك الغير وسائر الانحرافات ذات الصلة بالتصرفات و العمليات
العقارية المشبوهة ، وكذالك تحقيق الأمن العقاري لتحقيق التنمية وتحفيز الاستثمار،
وهي نفس المساعي التي نظمتها تشريعات أخرى، ذات الصلة بجميع أنواع التصرفات العقارية
، والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، إقرار قانون التحفيظ العقاري الذي
جاء بدوره ليعزز نظام الملكية العقارية .
فإذا كان من شأن تطبيق المقتضيات الجديدة من
المادة 4 المذكورة المساهمة في تعزيز ضمانات حماية حق الملكية، وتحقيق الأمن التعاقدي،
والتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، فان تطبيقها على واقع المنظومة
القانونية المطبقة يعرف عدة مشاكل عملية و قانونية.
بحيث إن كانت الغايات تتوحد في المقاصد و
المساعي المرجو تحقيقها ،فان مستجدات المادة الرابعة من قانون 16/69 ، القاضي
بإدخال الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بمحرر رسمي او ثابت التاريخ ،طرحت أكثر
من إشكالية على مستوى تطبيق القانون من جهة ،ومن جهة ثانية من حيث الممارسة
العملية .
فمن خلال تحليلنا لهدا الموضوع، سنحاول إبراز
الإشكاليات القانونية و العملية التي تطرحها المادة 4 من خلال
الفقرات التالية.
الفقرة الأولى: إشكالية تطبيق أحكام
المادة 4 من قانون 16/69 بين مقتضيات المدونة وقانون التحفيظ العقار
لا شك أن من بين أهم دواعي صدور قانون رقم 16/69 ،القاضي بتتميم المادة 4 من القانون رقم 08/39 ،رصد جوانب الخلل التي كانت تعتري
المادة القانونية في شان التصرفات الواقعة على العمليات العقارية بشكل عام ،ومن
جهة ثانية التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، بسبب عدم حضور الملاك ، و
حضور وكلاء عنهم بموجب وكالات منجزة بعقد غير رسمي مبرمة بالمغرب او بالخارج حيث
تبين زوريتها ،وإزاء هذه الوضعية المزرية و الغير القانونية، عمد المشرع المغربي إلى إدخال الوكالة ضمن الوثائق
الواجب تحريرها بعقد رسمي، او من طرف محام مؤهل لذلك، تلافيا لما قد يترتب عن ذلك
من مشاكل يصعب في كثير من الأحيان معالجتها
.
وعليه جاءت المادة الرابعة في صيغتها الجديدة لتحث على انه:
"يجب أن
تحرر- تحت طائلة البطلان- جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق
العينية أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها ، وكذا الوكالات
الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام
مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك.كما نصت على
وجوبية توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف
ومن الجهة التي حررته، هذا وتصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ،كما
انه يجب التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية
التي يمارس بدائرتها".
وتطبيقا لذلك ،و بناء على ما جاء بمدونة الحقوق
العينية في مادتها الرابعة المحينة وفقا للمقتضى القانوني الجديد ،فإن جميع
التصرفات المنقلة للملكية العقارية......... بما فيها الوكالة الخاصة ،يشترط فيها أن
ترد في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ، وبذلك يكون المشرع قد افرغ شكلاً معينا بالنسبة
للمحررات العقدية بما فيها الوكالة الخاصة المشار إليها بالبند الرابع من قانون رقم 16/69، وفي نظرنا
،أن أملاءات المادة أمر محمود طالما تعكس رغبة المشرع في صيانة حقوق الأفراد فيما
قد يسيء إلى تمادي الغير على ملكياتهم العقارية بطرق مشبوهة ،إلا انه من باب أخر
فتطبيق مضامين النص المشار إليه أعلاه
طرح مشكلة غياب التناسق بين الصيغ
القانونية ووحدتها في تفعيل مقتضيات الوكالات الخاصة المبرمة في إطار التصرفات و
العمليات الواقعة على العقارات ، فإذا كان تطبيق المادة الرابعة من قبل لم يكن
يثير إشكالية تطبيق التصرفات العقارية عن طريق اشتراط الوكالة الخاصة ، فان العمل بتلك الوكالات الخاصة ومع المقتضيات الجديدة التي تضمنها
المدونة لا تتماشى والواقع العملي و القانوني المنظم في إطار أحكام قانون التحفيظ
العقاري رقم 07/14 والذي لم نلمس بين طيات صفحاته إقرار
العمل بالوكالات الخاصة ليستوجب فيها شرطي الرسمية او التاريخ الثابت ، وان كل ما اشترطه
إزاء مطالب التحفيظ و التقيدات في الرسوم العقارية و تسجيله سوى شرط الكتابة،مما
جعل من إبرام المحررات العقدية بما فيها الوكالات العرفية سابقا، منتجة لأثارها
قيل دخول قانون 16/69 حيز التطبيق و مع دخول هذا الأخير
حيز النفاذ ،نتساءل هل ذلك يعني أن التصرفات العقارية المنجزة في ظل قانون مدونة
الحقوق العينة لاغية وباطلة لتشملها أحكام النص الجديد ،أم أن النص يقصد فقط أحكام
التصرفات الجديدة التي صدرت وفق المستجد الأخير.
فبالرجوع إلى مقتضيات
الظھير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331) 12 أغسطس 1913 (المتعلق بالتحفيظ
العقاري ،كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 07.14 الصادر بتنفيذه الظھير
الشريف رقم 177.11.1 نجد أن الفصل 1 منه
ينص على مايلي :(يرمي التحفیظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في ھذا
القانون من غیر أن يكون
في الإمكان إخراجه منه فیما بعد ،ويقصد منه تحفیظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطھیر
يترتب عنھا تأسیس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطھیر الملك من جمیع الحقوق السالفة غیر المضمنة به؛ و تقیید
كل التصرفات والوقائع الرامیة إلى تأسیس أو نقل أو تغییر أو إقرار أو إسقاط الحقوق العینیة أو التحملات المتعلقة بالملك،
في حين الفصل 65 مكرر يحدد أجل إنجاز التقیید المنصوص علیه في الفصل 65 في ثلاثة أشھر ويسري ھذا الأجل بالنسبة-للقرارات القضائیة ابتداء من تاريخ حیازتھا لقوة الشيء المقضي
به؛وبالنسبة للعقود الرسمیة ابتداء من تاريخ تحريرھا؛ أما فيما يخص للعقود العرفیة ابتداء من تاريخ آخر تصحیح إمضاء علیھا،
وفي شرح هذا الفصل نتشف انه بالإمكان الاعتماد على الوكالات و الوثائق العرفية ،وهذا
ما يستخلص من العبارة الواردة من النص بقولها ( أما فيما
يخص للعقود العرفیة ابتداء من تاريخ آخر تصحیح إمضاء علیھا.)
ومعنى
ذلك أن ،أن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية، الرامیة إلى تأسیس حق عیني أو
نقله إلى الغیر أو الإقرار
به أو تغییره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بین الأطراف إلا من تاريخ التقیید
بالرسم العقاري، سواء
كانت رسمية او عرفية ، دون الإضرار بما للأطراف من حقوق في مواجھة بعضھم البعض ،وكذا
بإمكانیة إقامة دعاوى
فیما بینھم بسبب عدم تنفیذ اتفاقاتھم. وبالنظر إلى أحكام هذا النص لا نجد ولا إشارة إلى شكلية الوكالات
الاتفاقية الخاصة ،على انه يكفي أن يكون هناك سوى اتفاق مبرم بين طرفي الوثيقة ،وهذا
ما يفنده الفصل 70 من قانون التحفيظ العقاري في
معرض حديثه عن رقابة المحافظ للوثائق المدلى بها لمصلحة المحافظة العقارية بقوله ، انه إذا كان الطلب مؤسسا على وثیقة اتفاقیة وطلب المحافظ على الأملاك
العقارية بشأنه بیانات
أو توضیحات إضافیة، فإنه يجب أن يكون مؤرخا وموقعا من قبل الأطراف المعنیة، بحيث تعتبر
ھوية كل طرف وصفته وأھلیته محققة، إذا استند الطلب على محررات رسمیة ،وتعتبر ھويته محققة إذا كانت التوقیعات الموضوعة بالطلب وبالعقود المدلى بھا
مصادق علیھا من طرف
السلطات المختصة.
ومن هذا المنطلق نتساءل، أليس الوكالة عقد؟
وبالتالي ما يرتبه القانون على العقد يشمل كذلك الوكالة، فلماذا لم يشترط قانون التحفيظ العقاري الرسمية في شأن المحررات
العقدية الناقلة او المنشأة او................. إبان عملية التقيد والتسجيل في
السجل العقاري؟ وهذا يعني أن المطلوب في المحررات بحسب مقتضيات قانون التحفيظ
العقاري فقط شرط الكتابة لا الرسمية.
الفقرة الثانية : المحررات الرسمية والثابتة التاريخ بين القاعدة
والاستثناء
1 -القاعدة
القاعدة العامة
لتوثيق العقود المنصبة على الحقوق العينية تضمنتها المادة الرابعة من مدونة الحقوق
العينية ، التي نصت على ".. أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات
المتعلقة بنقل الملكية وإنشاء الحقوق العينية الأخرى ،أو نقلها ،أو تعديلها ،أو
إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي ،أو بمحرر ثابت التاريخ يتم
تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ،مالم ينص قانون خاص على خلاف
ذلك ،باعتبار أن كل التصرفات العقارية تصب فيها، من تفويت بعوض أو بدونه ومن قسمة
وشفعة ومبادلة وكراء طويل الأمد ورهن حيازي أو اتفاقي وانتفاع واستعمال وسطحية
وحبس وزينة وهواء، وتعلية وغيرها، يجب أن تحرر، تحت طائلة البطلان، بموجب محرر
رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ، فإن تم تعديلها أو إسقاطها، فلابد كذلك من المحرر
الرسمي أو ثابت التاريخ، وهذا معناه أن شرطي الكتابة و الشكلية أمران لازمان، ما
لم ينص مقتضى قانوني على خلاف ذلك ، وانه في حالة مخالفة المبدأ يرتب عن التصرف
المنجز بطلانها وعدم الاعتداد بها او
التمسك بها في مواجهة الغير .
وهنا
نشير وبحسب رأينا في الموضوع، أن العقود الباطلة لمخالفتها أحكام المادة 4 من
قانون 08/39 ترتب آثار و التزامات شخصية ,
مثل التعويض عن الأضرار الناشئة عن بطلان العقد و إرجاع ثمن المبيع مقابل إخلاء
العقار محل البيع إذا كان ممكنا، و ذلك لان هناك حالات يستحيل فيها إعادة الطرفين
إلى الحالة التي كان عليها قبل البيع بسبب تأميم العقار ،او نزع ملكيته من اجل
المنفعة العامة ،او حلول الجماعات الترابية محل أطراف العقد في حق الملكية العقارية و
إدماجها في ممتلكاتها قصد إعادة بيعها
و
هكذا،فان العقد العرفي الباطل بطلانا مطلقا يرتب عدة آثار شخصية تصل في بعض
الحالات إلى اكتساب حقوق عينية عقارية , و على القاضي أن يميز بين هذه الآثار و
الحقوق الشخصية , وبين نقل العقد في حد ذاته للحقوق العينية العقارية ،وهو ما
يتوافق ومقتضيات قانون التحفيظ العقاري 14/07 الذي
لا يتطلب توافر أي شرط شكلي في تحريرها , والشرط الوحيد لصحتها أن تكون موقعة من
أطراف العقد وان يكون لها تاريخ ثابت حتى يمكن الاحتجاج بها بالنسبة للغير ومن ثمة
نميز بين حجية العقد العرفي بين أطرافه , وحجية العقد بالنسبة للغير ، فبالنسبة لأطراف العقد يعتبر العقد صحيحا و يكون حجة عليهم ما لم
ينكروه صراحة ،أي ينكروا ما هو منسوب إليهم من خط و إمضاء ،وان مجرد سكوتهم يعد
إقرار بصحة العقد او الورقة العرفية , غير أن الإقرار الصريح او الضمني للعقد , لا
يؤثر بأي حال في أوجه الدفوع الشكلية، او
الموضوعية التي يكون لمن اقر بالورقة العرفية أن يتمسك بها مثل بطلان العقد لعدم
إتباع الرسمية او الشكلية التي تعد ركنا رابعا من أركان العقد المتعلق بنقل الحقوق
العينية العقارية , في العديد من التشريعات الدولية . وهو ما نصت عليه المادة 327
من القانون المدني الجزائري ،التي تعتبر العقد العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر
صراحة ما هو منسوب إليه من خط وإمضاء
2- الاستثناء:
وعلى
سبيل المثال لا الحصر ما نصت عليه المادة 42 من قانون نزع
الملكية ،والتي جاء في فقرتها الأولى مايلي: " إذا اتفق نازع الملكية
والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته اللجنة بعد نشر مقرر التخلي وعلى كيفيات
تفويت العقار أو الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها، فإن هذا الاتفاق الذي يجب أن
يبرم طبقا لمقرر التخلي، يدرج في محضر أمام السلطة الإدارية المحلية التابع لها
موقع العقار إذا كان المنزوعة ملكيته يقيم بالمكان المذكور. أما إذا كان المنزوعة
ملكيته غير مقيم بذلك المكان، فإن هذا الاتفاق يبرم وفق مقتضيات القانون الخاص
بواسطة عقد عرفي، أو عدلي ،ويبلغ إلى السلطة
الإدارية المحلية،وتترتب عليه ابتداء من تاريخ إيداعه لدى المحافظة على الأملاك
العقارية جميع الآثار المنصوص عليها في الفصل 37، وكذا
سحب الدعوى عند الاقتضاء من قاضي نزع الملكية أو محكمة الاستئناف أو المجلس
الأعلى."، فهذا المقتضى يجسد قاعدة الاستثناء الواردة بموجب الأحكام الخاصة و
الأنظمة بتشريعات أخرى ذات الصلة بالتصرفات الواقعة على العقارات ، أما الواردة
منها في مدونة الأوقاف الصادرة بمقتضى الصهر الشريف
رقـــــم 230-09-1 بتاريخ 23/2/2010 فقد نصت عليه المادة 25 من ذات المدونة
بقولها " يتلقي العدول الإشهاد على الوقف وإذا تعذر تلقي هذا الإشهاد اكتفى
استثناء بوثيقة الوقف الموقعة من قبل الواقف مصادقا على صحة توقيعها طبقا للقانون
" حيث يبدو جليا من
خلال هذه المادة، أن وثيقة الوقف تكون بمحرر رسمي يتلقاه العدول أو محرر عرفي
يوقعه الواقف ويصادق على صحة توقيعه،وبخصوص قاعدة الاستثناء في أحكام مدونة الأسرة،فهي التي نصت عليه مدونة الحقوق العينية في مادتها 264 بما يلي "
تنتقل ملكية الحقوق العينية العقارية عن طريق الإرث والوصية ،وتسري عليهما أحكام
مدونة الأسرة ،وأخيرا نشير إلى انه بالنسبة للرهون الاتفاقية فان انعقادها يقوم فقط
،بالكتابة ورضا الطرفين ولا يكون صحيحا إلا إذا قيد بالرسم العقاري.
هذا،ويضاف
إلى مستثنيات المادة الرابعة من المدونة جميع العقود الإدارية المبرمة من طرف
المؤسسات العمومية، بما فيها الجماعات الترابية، وكذا التفويضات الصادرة عنها
لفائدة الأشخاص الطبيعيين . باستثناء الشركات التابعة للدولة.
و
بالموازاة لإعمال قاعدة الاستثناء ،صدر بالجريدة الرسمية عدد 6208 القانون 22.13
القاضي بتتميم المادة 174 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية
التي أوجبت أن تصب في محررات رسمية ولا يمكن للمحامين توثيقها فهــي حق العمرى
(المادة 105-106 ) و الرهن الحيازي (المادة 145 ) و المغارسة ( المادة 205) وكذلك الهبة
بمقتضى المواد ( المادة 273-274) و أخيرا الصدقة بموجب ( المادة 290)، فهذه المحررات لا توثق من قيل
المحامون بموجب محررات ثابتة التاريخ ولكن يجب تحريرها بموجب محررات رسمية إتباعا
للشكلية المطلوبة في قيامها .
إن المقصود بالعقود العرفية هي جميع العقود العرفية، باستثناء تلك الواردة في القوانين الثلاثة 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز ، والقانون رقم 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار والقانون 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية ، فهذه العقود لا يحررها إلا المحامون المقبولون أمام محكمة النقض ،ويلزم التعريف بإمضاء المحامي محرر العقد لدى مصلحة كتابة الضبط، ،أما باقي العقود العرفية الواردة في المادة 30 من قانون المحاماة فيمكن تحريرها من طرف أي محام ،سواء كان مبتدئا او مقبولا لدى محكمة النقض ،ولا تحتاج إلى التعريف بإمضاء المحامي.
إن المقصود بالعقود العرفية هي جميع العقود العرفية، باستثناء تلك الواردة في القوانين الثلاثة 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز ، والقانون رقم 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار والقانون 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية ، فهذه العقود لا يحررها إلا المحامون المقبولون أمام محكمة النقض ،ويلزم التعريف بإمضاء المحامي محرر العقد لدى مصلحة كتابة الضبط، ،أما باقي العقود العرفية الواردة في المادة 30 من قانون المحاماة فيمكن تحريرها من طرف أي محام ،سواء كان مبتدئا او مقبولا لدى محكمة النقض ،ولا تحتاج إلى التعريف بإمضاء المحامي.
الفقرة الثالثة: إشكالية الأثر الرجعي للوكالة الخاصة بين مذكرة
المحافظ العام وقانون التحفيظ العقاري
بالرجوع إلى أحكام المادة 4 من
مدونة الحقوق العينية، يتضح أن المشرع لم يحدد المحررات الثابتة التاريخ بعينها ،ولم
ينص متى تكون بالفعل ثابتة التاريخ ،هل من تاريخ تحريرها، او من تاريخ المصادقة
على توقيع أطرافها ،آم من تاريخ التعريف بإمضاء المحامي لدى رئيس مصلحة كتابة
الضبط. فسكوت المشرع على ذلك ،طرح أكثر من مشكلة بخصوص تنفيذ مقتضيات المادة 4 من قانون 16/69 المتمم لأحكام مدونة الحقوق العينية في
مسألة الحسم
الأثر الفوري و الرجعي لمقتضياته ،خصوصا مع مواكبة المذكرة التوضيحية رقم
20 الصادرة من المحافظ العام و التي أقرت بكون التاريخ المعتمد هو تاريخ إبرام
التصرفات العقارية كلما تعلق الأمر بالوكالات الخاصة في الموضوع .
فالأصل، و طبقاً للمبادئ الدستورية المعمول
بها ،أن اللوائح والقرارات الإدارية – مثلها مثل القوانين- لا تسرى إلا على ما بقع
مع تاريخ صدورها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، إلا إذا كانت صادرة تنفيذاً
لقوانين ذات أثر رجعي، و عليه فان المراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون القديم
خضوعها له في آثارها وانقضائها. و القواعد الآمرة في القانون الجديد. وجوب إعمالها
بأثر فوري على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز من حيث آثارها وانقضائها، فالقانون عدم سريانه كأصل
إلا على الوقائع والمراكز القانونية التي تنشأ وتتم في الفترة من تاريخ العمل به إلى
حين إلغائه. و الاستثناء هو جواز الخروج على هذا الأصل في غير المواد الجنائية ،والنص
صراحة على سريانه على الماضي فآثار العقد خضوعها كأصل لأحكام القانون
الذي أبرم في ظله. و الاستثناء في ذلك هو سريان
أحكام القانون الجديد عليها ،متى كان متعلقاً بالنظام العام ،وطالما بقيت هذه العقود
سارية وقت العمل بالقانون الجديد،فالمقرر و المجمع عليه قضاء و فقها ، أن العقود و
الوكالات ،إنما تخضع في بنيانها وآثارها للقانون النافذ وقت إبرامها ،ما لم يكن القانون
الجديد من النظام العام ، فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود،
طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد. إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد
قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة، فحينئذ يطبق القانون الجديد على
ما لم يكن قد اكتمل نُشوءُه من عناصرها، وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة
كما يحكم انقضاءها.
وفي نظرنا نميل مع الرأي القائل، أن الوثيقة تستمد قوتها من اتفاق الإطراف على مضمونها وهي
حجة على أصحابها ،وتبقى صفة المحرر الثابت التاريخ هي صفة تلحق العقد ،وبالتالي
لايكون المحرر ثابت التاريخ ،إلا بعد المصادقة عليه طبقا للفصل
425 من قانون الالتزامات والعقود .و الفصل 65 مكرر من مادة التحفيظ العقاري
لقولها ( أما فيما يخص للعقود العرفیة ابتداء من تاريخ
آخر تصحیح إمضاء علیھا.) خصوصا وان معظم الوكالات تم تحريرها بموجب محررات
عرفية مصادق عليها وتم اعتمادها قبل صدور القانون الجديد ،وان المساطر المتعلقة
بها قطعت أشواطا كبيرة لدى الجهات المعنية بما فيها المحافظة العقارية ،و كذلك
مصالح التسجيل و الثنبر ، بل حتى الجهات الجبائية بصدد تحصيل مداخيلها ، لذلك نرى
انه من غير المعقول تطبيق القانون عبر الأثر الرجعي للقاعدة القانونية ، لان ذلك
سوف يعيق العديد من العمليات التي لا يمكن البتة الرجوع بها إلى الوراء .فلو أراد
المشرع إخضاعها للقانون الجديد لما كان اشترط ذلك بصريح العبارة في المادة المحينة
، لا عن طريق مذكرة المحافظ العام .
الفقرة
الرابعة: حدود رقابة المحافظ العام على التصرفات العقارية بين مقتضيات مذكرة رقم
20 و المبادئ العامة للقانون
وهكذا
و بالرجوع إلى مقتضى مذكرة المحافظ العام (المذكرة رقم 20)
الموجهة من المحافظ العام إلى السادة المحافظين، في مسألة إثبات التصرفات ، أشار
إلى أن حجية المحرر ،تبدأ من تاريخ إبرام التصرف لا من تاريخ تحريرها. يتناقض وأحكام الفصل 65 مكرر من قانون
التحفيظ العقاري رقم 14/07 الذي ينص على أن الآجال المتعلقة بالتسجيل في السجل العقاري. هي
كالتالي :
1-فيما يخص العقود الرسمية
من تاريخ تحريرالعقد
2-فيما يخص العقود العرفية
من تاريخ آخر تصديق للإمضاء،
فالمادة
شاملة لجميع العقود الرسمية، وفي نظرنا تشمل حتى الوكالة الخاصة المنصوص عليها
بالمادة 4 من المدونة، لكونها هي الأخرى اشترط
فيها الرسمية، وهكذا ما يرتبه القانون على المحررات العقدية يلزم كذلك حكم
الوكالة.
فلماذا
مذكرة المحافظ تتحدث عن تاريخ إبرام التصرف في الوكالة، بينما قانون التحفيظ
العقاري يتحدث عن تاريخ تحرير العقد بالنسبة للمحررات الرسمية ،و تاريخ آخر تصديق للإمضاء
بالنسبة للعقود العرفية ؟
فلا
شك أن التقيد والتسجيل بالسجل العقاري هو إقرار لحماية التصرفات العقارية، بما
فيها المحررات العقدية، حتى تكون حجة في مواجهة الاغيار.وهي نفس الغاية التي
تبنتها المادة 4 من المدونة وكذلك مذكرة المحافظ العام، فلماذا تتضارب التواريخ بين طيات المذكرة، وقانون التحفيظ العقاري،
رغم أن الغاية واحدة؟
فمن وجهة نظرنا ،والتي تتماشى و أحكام المادة
425 من قانون الالتزامات و
العقود ،أن الوثيقة
تستمد قوتها من اتفاق الإطراف على مضمونها ،وهي حجة على أصحابها ،وتبقى صفة المحرر
الثابت التاريخ هي صفة تلحق العقد، وبالتالي لايكون المحرر ثابت التاريخ إلا،بعد
المصادقة عليه طبقا للقانون..
وارتباطا
بذلك، نتساءل من الناحية القانونية عن مدى إمكانية تحديد التاريخ في شأن
التصرفات
العقارية، و تطبيق ما جاء بالمذكرة على سوابق المحررات الرسمية بما فيها الوكالات
العرفية قبل دخول قانون 16/69 حيز التطبيق بأثر رجعي ؟
ففي نظرنا و بالرجوع إلى القواعد و الأحكام
العامة المتعلقة بسن القوانين وتفسيرها، فان السيد المحافظ يكون قد خرج عن المبادئ
الناظمة لأصول التشريع،إذ بوضعه لتلك المذكرة يكون قد انشأ قاعدة مقررة أمرة،ذلك
انه لم يتقيد بأصول التفسير،بقدر ما تجاوزها إلى سن قاعدة تجاوزت حدود الاختصاص
النوعي الموكول له بموجب أحكام القانون .
خاتمة :
وكخاتمة لموضوعنا، نشير إلى ضرورة الاخد بالحيطة
و الحذر في شان العمل بالوكالات الخاصة حتى وان كانت رسمية او ثابتة التاريخ ،فالوكالة العقارية لا تنقل الملكية لذا، فإن العقار يكون عرضة لأي حقوق
عينية قد تقع علي البائع وعلى أملاكه المسجلة باسمه بما في ذلك العقار المباع
بالوكالة مثل الحجز أو تسجيل دعوى على العقار، أو قد يؤدي صدور أحكام قضائية بحقه
إلى بيع أملاكه جبرا بالمزاد العلني أو تسجيله باسم الغير بحكم صحة ونفاذ عقد بيع،
ولذلك يعد التسجيل أسلم طريقة لحفظ حق المشتري .