رشيد بن جيلالي (*)
نظم المشرع الإجرائي مؤسسة الاعتقال الاحتياطي
في قانون المسطرة الجنائية الحالي .ضمن أحكام الباب التاسع المتعلق بالوضع تحت المراقبة القضائية والاعتقال
الاحتياطي، حيث نص في المادة 159 1على أن الوضع تحت المراقبة القضائية والاعتقال
الاحتياطي تدبيران استثنائيان، يعمل بهما في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها
بعقوبة سالبة للحرية .
ولعل ما يميز مرحلة التحقيق الإعدادي كمرحلة من
مراحل المسار الإجرائي التي تتوسط البحث التمهيدي المنجز من طرف ضباط الشرطة
القضائية ومرحلة المحاكمة ، هو أن يلجأ
قاضي التحقيق أحيانا بناء على الأوامر التي خولها له المشرع إلى اتخاد بعض
التدابير الاحترازية ضمانا لحسن سير إجراءات التحقيق ، كالاعتقال الاحتياطي باعتباره تدبيرا استثنائيا
منصوص عليه بمقتضى المواد 175 إلى188 من قانون المسطرة الجنائية يعمل به في
الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية ، ويهدف إلى الزج بالمتهم
في السجن لمدة قد تطول أو تقصر دون أن تتعدى المدد التي قررها المشرع في المواد 176و177 من قانون المسطرة الجنائية
بالنسبة للجنح والجنايات2
وما يهمنا أكثر في هذا المقال هو الوقوف عند
أبرز أسباب هذا الاعتقال الماس بالحرية كمبدأ نصت عليه المواثيق الدولية والدستور
المغربي لسنة2011، على ضرورة احترامه من
أي تعسف ، باعتباره ضمانة أساسية من
ضمانات المحاكمة العادلة، وذلك على ضوء ما جاءت به مسودة مشروع قانون المسطرة
الجنائية الذي لازال في طور المسطرة التشريعية من خلال إبداء بعض الملاحظات
على ذلك.
جاء في الفقرة 1 من المادة 175 من مسودة
المشروع التعديلي لقانون المسطرة الجنائية 22.01، على أنه لا يمكن الأمر بالاعتقال
الاحتياطي إلا إذا ظهر أن هذا التدبير ضروري لأحد الأسباب التالية.
·
الخشية
من عرقلة سير إجراءات التحقيق.
لعل أن المشرع وهو ينص على هذا المقتضى
يسعى إلى الحد من أي عرقلة قد تجعل المسطرة تسير في شكلها العادي. ولكن الملاحظ
هنا هو ما الذي يقصد به المشرع الإجرائي بعبارة عرقلة هل الخشية من فرار المتهم ام
ماذا؟
وضع حد للجريمة أو منع تكرارها
·
هذا
السبب يجعلنا كذلك أمام موضع تساءل جوهري وهو معرفة نوع هذه الجريمة المرتكبة هل ضمن
تقسيمات الجرائم المعاقب عليها قانونا ؟
·
الحيلولة
دون ممارسة أي ضغط على الشهود أو الضحايا أو أسرهم أو أقاربهم.
إن ذكر هذا المستجد يجعلنا نتساءل
عن أي دور للحماية القانونية المخولة لهذه
الفئة من خلال مقتضيات قانون37.10 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق
بالمسطرة الجنائية في شأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين .
·
القيام
بالأبحاث والتحريات التي تستلزم حضور أو مشاركة المشتبه فيه.
ما يثير هنا حقيقة هو توظيف عبارة
المشتبه فيه من لدن المشرع خلال هذه المرحلة المتعلقة بالتحقيق الإعدادي مع ان
الطبيعي اننا نكون أما المتهم .ذلك أننا نكون أمام المشتبه فيه حينما نكون في
مرحلة البحث التمهيدي من طرف ضباط الشرطة القضائية أو خلال الاستنطاق من طرف
النيابة العامة طبقا للمادة47 من قانون المسطرة الجنائية .3
·
وضع
حد للاضطراب الذي أحدثه الفعل بسبب خطورته أو ظروف ارتكابه أو الوسيلة التي استعملت
في ارتكابه أو أهمية الضرر الناتج عنه، أو بالنظر لخطورة المشتبه فيه.
الملاحظ هنا هو أن المشرع جعلنا نعيش أمام التباس
بين عبارة وضع حد للجريمة والتي سبق ذكرها ، وبين عبارة وضع حد للاضطراب. حيث
أصبحنا لانعرف ما المقصود بدقة بالجريمة المنصوص عليها وعبارة الاضطراب الذي أحدثه
الفعل بسبب خطورته، ولا كذلك المعنى الواضح للوسيلة التي استعملت في ارتكابه خصوصا
وأننا نكون أمام وسائل متنوعة ومختلفة تشكل أفعالا خطيرة كالتعذيب مثلا.
•••• قائمة المراجع ••••
1.الظهير
الشريف رقم1.2.255 الصادر بتاريخ 3 أكتوبر 2002 الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ
30 يناير 2003 بتنفيذ القانون رقم
22.01المتعلق بالمسطرة الجنائية.
2.الشرح
العملي لقانون المسطرة الجنائية ذ.أحمد قيلش.ذ.محمد زنون.ذة.مجيدي السعدية.ذة.سعاد
حميدي الطبعة الرابعة 2018ص126 127.
3.الظهير
الشريف رقم1.2.255 الصادر بتاريخ 3 أكتوبر 2002 الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ
30 يناير 2003 بتنفيذ القانون رقم
22.01المتعلق بقانون المسطرة الجنائية.
(*) طالب باحث في ماستر التقنيات البديلة .المحمدية.